مشروعية المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال

(بسم الله الرحمن الرحيم)
<أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير 39 الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّه ُوَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ>. الحج/ 39 – 40
مشروعية المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال[1]
مقاومة الفلسطينيين للاحتلال من (الجهاد الدفاعي)
المواجهة القائمة اليوم بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني في فلسطين تدخل في حقل الدفاع، يعني في حقل الجهاد الدفاعي بالتأكيد[2]، والجهاد جهادان:
- جهاد ابتدائي؛ للدعوة إلى الإسلام والله ورسوله (ص)؛ وهذا يسمونه: (الجهاد الابتدائي أو جهاد الدعوة).
- جهاد دفاعي؛ للدفاع عن النفس ضد أي عدوان يتعرض له الإسلام وتتعرض له الأمة الإسلامية من خارج حدودها.
والعمل الذي يجري اليوم في الساحة الفلسطينية من قِبل الفلسطينيين – رجالاً ونساءً – جهاد دفاعي؛ لأن هؤلاء يدافعون عن مدنهم وبلادهم وشعبهم ومقدساتهم، وإسرائيل معتدية غاصبة منتهكة للحدود والحرمات والحقوق، ومن حق هذا الشعب أن يدافع عن نفسه. هذا النوع من الدفاع نطلق عليه بالفقه عنوان (الجهاد الدفاعي)، وهو واجب مطلقاً؛ أي من دون قيود وشروط، لا يحتاج إلى إذن الإمام ولا إلى إذن نائبه، وليس من شرط وقيد يحدد هذا النوع من الجهاد إلا القدرة والاستطاعة، كلٌّ بقدر استطاعتهِ ووسعه يجب أن يساهم في تحرير هذا البلد السليب والحقوق السليبة للمسلمين والأقصى السليب.
- [1] قد مضى في الحلقة الأولى من هذه السلسلة (فصول المقاومة) الحديث عن مقاومة الاحتلال ومشروعيتها، وهو بحث بالمعنى الأعم، أما هنا فأحببنا الحديث عن مقاومة الاحتلال بالمعنى الأخص؛ أي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومشروعية هذه المقاومة القضية المركزية والأساسية على ساحة الصراع اليوم، والتأكيد عليها؛ نظرا إلى أنه اليوم هناك شبهة تُطرح عن شرعية هذه المقاومة على الساحة السياسية والتشكيك فيها لتغيير الرأي العام وحرف الأنظار عن الاحتلال والظلم الذي يقع على الشعب الفلسطيني، والمروّج الأساسي لهذه الشبهة هم الإسرائيليون والعرب المطبّعون معهم وأبواقهم الإعلامية. (من المحقق)
- [2] من الصدفة أننا اليوم (أكتوبر 2023) نعمل على تصحيح وتحقيق هذا النّصّ للشيخ (رحمه الله) وفلسطين المحتلة لاسيما (غزة) تعاني من أبشع عدوان يُشنّ عليها من قبل آلة الحرب الإسرائيلية وبمساندة ودعم علني في الموقف والسلاح من قبل دول الاستكبار العالمي في الغرب لاسيما أمريكا، دون أي حياء أو خجل، وقد شاء الله تعالى ان يصادف عملنا على هذا النّصّ مع هذه الأحداث المأساوية التي تمرّ على الشعب الفلسطيني؛ حيث يُقتل بسبب هذا العدوان المئات من الأبرياء المدنيين العُزّل يوميا، وأكثرهم من النساء والأطفال، وسط صمت عالمي ودولي منقطع النظير من الدول والمؤسسات الدولية التي تدعي دعمها لحقوق الإنسان؛ بل أكثرهم إن لم نقل جميعهم أيدوا هذا العدوان علنا، ومثل هذا التأييد العالمي والعلني لم يكن له سابقة في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، فنحن نعلم أنهم عادة ما ينافقون فينددون علنا ويدعمون خفية، أما هذه المرة فقد اختلف الوضع، وقد أُعطيت إسرائيل الضوء الأخضر الدولي لاسيما الأمريكي في فعل ما يحلو لها، وفي الاستمرار في القصف حتى لو أدى ذلك إلى إبادة الشعب الفلسطيني بالكامل، فقد أدى هذا القصف إلى قتل عوائل بأكملها مما أدى إلى محو أسمائها بالكامل من دائرة النفوس ولم يعد لها وجود. ناهيك عن سكوت زعماء العرب والمسلمين المطبّعين مع الكيان الغاصب، والاكتفاء بالإدانة والشجب أحيانا؛ بل أدت بهم الوقاحة إلى اتهام حركات المقاومة لاسيما (حركة حماس) – التي قامت بعمل بطولي في إسرائيل (طوفان الأقصى) لم يسبق له نظير، مرّغت به أنف إسرائيل وعرّت زيف قوة هذا الاحتلال – بالإرهاب وأنها قتلت الأبرياء في إسرائيل!! وتم العمل على إشاعة ذلك في الإعلام المطبّل للزعماء العرب.
- فجاء هذا العمل والجهد المتواضع في الزمان المناسب، ليذكّر بالقضية الفلسطينية، ويؤكد شرعية المقاومة بطريقة مستدلَّة؛ ردا على شبهة شرعيتها التي أخذت تُطرح على الساحة اليوم أثناء هذه الحرب للتأثير على الرأي العام الشعبي المؤيد لها، طبعا بالإضافة إلى باقي حلقات هذه السلسلة التي تصب في نفس السياق. وهذا ما كان يتمناه سماحة الشيخ (رحمه الله) ويسعى إليه في خطاباته وآثاره؛ حيث كان يسعى إلى نشر ثقافة المقاومة وتوعية الجماهير. جعل الله له ولنا في هذا العمل أجرا ومنارا تستضيء به الأجيال لاسيما الشباب. (من المحقق)