إضاعة الفرصة

عن الإمام محمد الباقر (ع): «إِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفَ، فَإِنَّهُ بَحْرٌ يَغْرَقُ فِيهِ الْهَلْكَى، وَإِيَّاكَ وَالْغَفْلَةَ، فَفِيهَا تَكُونُ قَسَاوَةُ الْقَلْب»[1].
وعنه (ع) أيضاً: «لَا مَعْصِيَةَ كَحُبِّ الْبَقَاءِ وَلَا ذُلَّ كَذُلِّ الطَّمَعِ وَإِيَّاكَ وَ التَّفْرِيطَ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَة»[2].
عمر الإنسان مجموعة من الفرص.. وعلى الإنسان إذا فتح الله تعالى له باب فرصة، أن ينتهزها.
عن رسول الله (ص): «مَنْ فُتِحَ لَهُ بَابُ خَيْرٍ فَلْيَنْتَهِزْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يُغْلَقُ عَنْه»[3]، فلا تدوم الفرصة طويلاً، ولا تنتظر الإنسان.
عن أمير المؤمنين (ع): «الْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ»[4].
فإذا سنحت للإنسان الفرصة، فعليه المبادرة قبل أن تفوت، وهذه الفرصة قد تكون في إقبال القلوب على الله تعالى في العبادة والدعاء والصلاة، وليس دائماً تقبل القلوب على الله، فإذا وجد الإنسان في نفسه إقبالاً على الدعاء والصلاة والذكر والاستغفار، فعليه أن يبادر إلى ذلك، قبل أن تفوته حالة الإقبال، وتغلبه حالة الانقباض.
كذلك في المشاريع الثقافية والسياسية والاقتصادية والتبليغية؛ قد تمر على المؤمنين فرصة من فرص العمل لا تدوم ولا تتكرر، فعليهم المبادرة بانتهاز الفرصة قبل أن تمر الفرصة.
لقد عاش الإمام الباقر (ع) فترة ضعف بني أمية، وعاش الإمام الصادق (ع) فترة انتقال السلطة من بني أمية إلى بني العباس، فانتهزا هذه الفرصة أفضل الانتهاز، ونشرا ثقافة أهل البيت : ومعارفهم نشراً واسعاً، وانتشرت منذ ذلك الحين معارف أهل البيت : في الأوساط العلمية الإسلامية انتشاراً واسعاً.
وللإمام علي (ع) كلمة في هذا الأمر ينبغي أن نتوقف عندها بعض الشيء: «مِنَ الْخُرْقِ الْمُعَاجَلَةُ قَبْلَ الْإِمْكَانِ، وَالْأَنَاةُ بَعْدَ الْفُرْصَةِ»[5].
من السفه والخطأ أن يستعجل الإنسان الأمور قبل أوانها، ومن السفه والخطأ أن يتوانى الإنسان عن المبادرة بعد حصول الفرصة.
ذلك الاستعجال وهذه الأناة كلٌّ منهما خُرق وخطأ.
- [1] حسن بن شعبة الحراني، تحف العقول، ص284.
- [2] المصدر نفسه، ص286.
- [3] ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللآلي، ج1، ص289، رقم: 146.
- [4] نهج البلاغة، الحكمة: 20، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام ومواعظه، ص408.
- [5] . المصدر نفسه، الحكمة: 355، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام ومواعظه، ص480.