الرأي بين التسرع والعُجْب

الرأي من ضرورات الإدارة، والمدير الذي لا يملك الرأي في دائرة مسؤوليته، لا يستطيع أن يمارس الدور الذي يقع على عهدته.
ولكن الرأي يتعرض لآفتين كبيرتين، يجب أن يبرأ عنهما المسؤول ويتخلص منهما:
الآفة الأولى: العُجْب؛ فإن العُجْب يفسد على الإنسان رأيه، ويفقده الرشد والصواب.. ولعل من أسباب العُجْب بِطانته الذين يقرّبون له ذلك، ويحسّنون له مواقع رأيه، ولا يجرحونه بالنقد.
وهذه الحالة تفسد على المسؤولين رأيهم، وتوقعهم في تخبط كبير.
عن أمير المؤمنين (ع): «رضاك عن نفسك من فساد عقلك»[1].
وعنه (ع) أيضاً: «من اُعجب بحسن حالته قصّر عن حسن حيلته»[2].
إن العُجْب يفسد على الإنسان الرأي والحيلة، وأكثر عوامل العُجْب لدى المسؤولين، البطانة المغالية والمتملقة.
وكما يجب على المسؤول أن يتوقّى العُجْب برأيه، يجب عليه أن يستمع إلى الرأي الآخر، ويحترمه، ويقلبه، فلربما شخص تزدريه العيون، يقدّم إليه رأياً جديراً بالاهتمام والتأمل.
روي عن أمير المؤمنين (ع): «لا تستصغرنّ عندك الرأي الخطير إذا أتاك به الرجل الحقير»[3].
الآفة الثانية: التسرع في الرأي؛ وفي مقابل التعجل والتسرع، الحزم، وهو التروي والتأمل قبل اتخاذ الرأي والقرار.
وبقدر ما يفسد التعجل والتسرع الرأيَ على صاحبه، فإن الحزم يصلح الرأي والقرار ويحصّنه.
ولكن على ألا يؤدي الحزم والتروي إلى تعطيل القرار، فإنه من الضعف والعجز.. وقد قال تعالى:>فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ<[4].
والعزم لا يكون إلاّ بالحزم، فإذا تم للإنسان كان عليه أن يتوكل على الله ويمضي في عمله، ولا يسمح لنفسه التردد في القرار بعد أن اكتملت لديه أسبابه.
روي عن أمير المؤمنين (ع): «إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ»[5].