مواضيع

الجانب التربوي في وعي الفقر

ولأمر ما نجد في منهج التربية الإسلامية تأكيداً على فقر الإنسان إلى الله في كل شيء، واضطراره إليه تعالى.

فإن وعي الفقر يكفكف عن الإنسان غُلواء الغرور، ويحفظه من الاستكبار والطغيان، ويشعره بحاجته المتصلة إلى الله تعالى في كل شيء، ويمكّنه من تذوق معنى «العبودية» بين يدي الله، وأن لتذوق «العبودية» من اللذات النفسية والعقلية للإنسان، ما يحرم منه المستكبرون والطاغون في الأرض، هذا هو الحصار الأول.

وأما الحصار الثاني: القهر، الإنسان مقهور لله تعالى في كل شيء، فهو سبحانه وتعالى القابض الباسط.

فإذا سلبه الله تعالى نعمة أنعمها عليه، فلا أحد يعيد إليه تلك النعمة، وإذا سلبه الله تعالى العافية والسلامة، فلا أحد بقادر على أن يعيد إليه ما سلبه الله من نعمة العافية والسلامة، وإذا سلبه الله تعالى نعمة الحياة، فلا أحد يعيد إليه ما سلبه الله من الحياة، وأن الله تعالى يقهر الجبارين والطغاة من عباده بالموت، فلا أحد يستطيع أن يمنحهم الحياة التي سلبها الله تعالى منهم.

وإذا أذلّ الله تعالى عبداً، فلا أحد يعيد إليه ما سلبه الله من العز.

وإذا سلبه الله الرزق والفقر، وأحوجه فلا أحد يرزقه من دون الله.

وإذا شاء الله أن يسلب النصر والسلطان من قوم، فلا أحد ينصرهم ويرزقهم العز والسلطان من دون الله.

<قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ>[1].

وإذا أراد الله تعالى ان يعاقب عبده في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معاً، فلا أحد يستطيع ان يدفع عنه هذه العقوبة، ولا يجد ملجئاً يلجأ إليه من عقوبة الله.

<قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً>[2].

<وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ>[3]

<قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً>[4]

وكذلك يشعر الإنسان بسلطان الله تعالى ويشعر بأنه مقهور لسلطان الله في الدنيا والآخرة.


  • [1] آل عمران: 26
  • [2] الأحزاب: 17
  • [3] الرعد: 11
  • [4] الفتح: 11
المصدر
كتاب شرح دعاء الأسحار - دعاء أبي حمزة الثمالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى