منازل الاضطرار

هذه منازل الاضطرار، حيث لا يجد الإنسان أمامه من يستغيث به، ويفزع إليه غير الله.
وبمن يستغيث إذا انقطع عن الدنيا، وووري في التراب، وتجسدت أمامه عثراته وسيئاته إلى من يلوذ يومئذ غير الله؟
وإلى من يفزع الإنسان يومئذٍ، وهو في مضجعه الأخير، ولا يجد من يفزع إليه من ذنوبه غير الله؟
وإلى من يلتجأ الإنسان في ذلك اليوم الرهيب؟
وإلى من يفرّ بذنوبه إذا انقضى أمده في هذه الدنيا غير الله؟
يومئذٍ يدرك الإنسان معنى الاضطرار حق الإدراك.
معنى الاضطرار
والاضطرار هو أن يفقد الإنسان أمامه مسالك الخيارات كلها إلاّ خياراً واحداً، يضطر إليه.
فلو أن إنساناً أراد أن يغادر محل عمله إلى داره لوجد أسباباً كثيرة للوصول إلى داره من وسائل النقل والسير ماشياً إلى بيته، ولكن إذا حدث خلل في الطائرة التي يقلّها على ارتفاع خمسة وعشرين ألف قدماً من الأرض، وأخذت تهتز كالسعفة في اعماق الجوّ، فلا يبقى خيار للمسافرين إلاّ اللجوء إلى الله تعالى .. فلو أن أهل الأرض جميعاً أرادوا أن ينقذوهم لم ينقذوهم.
هذا هو معنى الاضطرار يفقد الإنسان كل الخيارات إلاّ خياراً واحداً يضطر الإنسان إليه، ولا تبقى له مندوحة ولا سعة في الاختيار.
وهذه الحالة من الاضطرار عند اللجوء إلى الله تعالى في الدعاء هي التي تشير إليها آية سورة النمل في استجابة الدعاء <أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ>[1] فإن من يلجأ إلى الله، مضطراً، ولا يجد غير الله من يلجأ إليه، لا تتخطّاه الإجابة البتة، إلاّ أن يكون في تأخير الإجابة أو تبديلها مصلحة يعرفها الله تعالى ولا يعرفها[2].
فإذا أراد العبد أن يدعو الله تعالى في حاجة من حاجاته لدنياه، أو آخرته، فليحرص أن يقبل على الله بالدعاء في حالة الاضطرار، ليشمله وعد الله بالاستجابة لدعائه في آية سورة النمل.
روي أن الله تعالى أوحى إلى عيسى بن مريم (ع):
ادعني دعاء الحزين الغريق، الذي ليس له مغيث. يا عيسى، سلني، ولا تسل غيري، فيحسن منك الدعاء ومني الإجابة[3].
وفي مناجاة لأمير المؤمنين (ع): إلهي لا تشبه مسألتي مسألة السائلين، لأن السائل إذا مُنع امتنع، وأنا لا غناء بي عن مسألتك[4].
الانقطاع والاضطرار
ويتساءل المؤمنون: وأنّى لنا أن نحقّق حالة الاضطرار في نفوسنا في دعواتنا .. وهي حالة تكوينية واقعية، تحصل حيناً ولا تحصل أحياناً .. وليس في كل حين يشعر الإنسان بالاضطرار في الدعاء، كما يشعر ركاب الطائرة التي تغوص في أعماق الجوّ إذا أصابها خلل فني.
وللإجابة على هذا السؤال نقول:
إن كل الناس في كل حاجاتهم – بدون استثناء – في حالة الاضطرار إلى الله، غير أن وعي الاضطرار لا يتسنّى لكل أحد الاّ نادراً، كما ان الناس كلهم فقراء إلى الله <يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ>[5]، ولكن ليس كل أحد يعي هذا الفقر، كذلك الاضطرار فإن الناس كلهم مضطرون إلى الله في كل حاجاتهم وشؤونهم، ولكن ليس كل أحد يعي هذا الاضطرار.
فما من حاجة للإنسان إلاّ والإجابة فيها بيد الله تعالى، وحسب، والأسباب التي يسعى إليها الناس في قضاء حوائجهم كلها من عند الله، وخاضعة لأمر الله، وتوجد وتستجيب للإنسان بإذن الله، فلو طلب الإنسان الرزق في السوق، ووجد أبواب الرزق أمامه مفتوحة في السوق، باباً باباً، فليس معنى ذلك أن أمامه مجموعة من الخيارات في ابتغاء الرزق، وواحدة من هذه الخيارات هو الدعاء وابتغاء الرزق من عند الله. فإن هذه الأبواب كلها من خلق الله، وبيد الله، ويملك الله تعالى أزمّتها ويحكمها، ويتحكم فيها، وكم من نشيط ذكي يذهب الى السوق فتنغلق عليه أبواب الرزق، فلا يجد سبيلاً إلى الرزق، في عرض السوق وطوله، وكم من ضعيف بليد يرزقه الله تعالى .. وهذا هو معنى التوحيد في الرزق <وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا>[6].
<إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ>[7].
<قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّه>[8].
<الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ>[9].
<قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ>[10].
وليس هذا بمعنى ان الإنسان لا يطلب الرزق من أبوابه، فإن الله تعالى يأمر الناس أن يطلبوا أرزاقهم من أبوابها. <فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ>[11].
ولكن معنى ذلك أن يعرف الانسان أن أبواب الرزق وأسبابه كلها بيد الله، وإنما ترزقه هذه الأسباب بإذن الله وأمره.
فإذا وعى الإنسان هذه الحقيقة التوحيدية الكبرى علم أن الرزق كله بيد الله، ولا يرزقه أحد غير الله، وعلم ان الشفاء كله بيد الله تعالى، وأن الطب والدواء أسباب سخرها الله تعالى لعلاجه.
وعلم أن النصر بيد الله تعالى فقط، وأن السلاح والقيادة والعُدّة والعدد والتخطيط أسباب سخّرها الله لنا .. وإذا شاء الله عطل هذه الأسباب ونقضها، وحال بيننا وبين النصر.
فقد نصر الله تعالى المؤمنين ببدر وهم أذلّة ضعفاء. <وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ>[12].
وهُزِموا في حنين وهم كثرة، أقوياء، سادة الجزيرة <وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا>[13].
<كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً>[14].
ذلك كله لنعلم أن النصر من عند الله.
<وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ>[15].
وأن الشفاء من عند الله.
<وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ>[16].
وأن الرزق من عند الله. <وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا>[17].
<الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ>[18].
<أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ>[19].
<لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ>[20].
وإذا وعى الإنسان هذه الحقائق يعرف: أنه مضطر إلى الله في كل شأن من شؤونه.
فإذا سعى إلى الرزق، فإن الرزق بيد الله تعالى وحده، وهو مضطر إلى الله في تحصيل الرزق.
وإذا سعى إلى الشفاء، عرف أن الشفاء بيد الله، وهو مضطر إلى الله في تحصيل الشفاء.
وإذا سعى إلى النصر عرف ان النصر كلّه بيد الله، ولا سبيل له إلى تحقيق شيء من النصر إلاّ إذا أراد الله.
عندئذٍ يعي الإنسان معنى الاضطرار إلى الله تعالى في كل شأن من شؤونه، وكل حاجة من حاجاته.
وكل دعاء له يكون حينئذٍ عن اضطرار، ويقترن بالاستجابة، كما وعدنا الله تعالى إلاّ أن يكون في تأخير الإجابة أو تبديله مصلحة للعبد، لا يعرفها العبد ويعرفها الله.
وهذا هو وعي الاضطرار، وأنّ كل الناس في كل شؤونهم مضطرون إلى الله تعالى:
<يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ>[21].
والفقر هو الاضطرار، ولا معنى للفقر غير الاضطرار.
ولكن من يعي هذا الاضطرار من الناس قليل .. إن الناس مضطرون إلى الله، ولكنهم لا يعون هذا الاضطرار. فيا بؤس الإنسان وشقاؤه!! يضطر إلى الله تعالى في كل شأن من شؤونه، وفي كل حاجة من حاجاته، وهو لا يعي ولا يعرف هذا الاضطرار.
والاضطرار في آية النمل هو وعي الاضطرار، وليس واقع الاضطرار.
ووعي الاضطرار هو الانقطاع إلى الله حيث يقطع الإنسان أمله، ورجاءه عن كل الاسباب، ويحصر أمله ورجاءه في الله تعالى.
فإن الانقطاع إلى الله ذو وجهين:
الوجه الأول: هو القطع عن كل سبب غير الله.
والوجه الثاني: هو حصر الطلب والسؤال والرجاء في الله تعالى.
والانقطاع عمل اختياري، يقطع فيه الإنسان باختيار ومعرفة أمله وطلبه عن كل سبب غير الله، ويحصر كلّ أمله ورجائه وطلبه في الله تعالى، فيدعو الله تعالى في الرخاء دعاء المضطر.
في الدعاء عن علي بن الحسين زين العابدين (ع):
(واجعلني ممن يدعوك في الرخاء دعاء المضطرين لك)[22].
ويقول أيضا: (اللهم إني أخلصت بانقطاعي إليك، وأقبلت بكلّي عليك، وصرفت وجهي عمن يحتاج إلى رفدك، وقلّبت مسألتي عمن لا يستغني عن فضلك، ورأيت أن طلب المحتاج إلى المحتاج سفه في رأيه، وزلّة من عقله)[23].
كيف يلجأ الإنسان إلى الله في أيام اضطراره
فإذا عرف الإنسان اضطراره إلى الله تعالى في منازل الآخرة، وعرف أن لا سبيل له إلى تجاوز ذلك اليوم، ولابدّ له من استقبال تلك المنازل، ولا خيار له في تلك المنازل الصعبة إلاّ اللجوء إلى الله .. فلابدّ له من أن يسعى من الحياة الدنيا قبل أن يفارقها إلى تحصيل مرضاة الله لتلك المنازل في الآخرة.
وسبيل الإنسان لتحصيل مرضاة الله في تلك المنازل الرهيبة هي طاعة الله تعالى والاستجابة لأمره في الدنيا.
تأملوا في هذه الآية الكريمة:
<اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ>[24].
يدعو الله تعالى عباده للاستجابة لأمره في الحياة الدنيا، قبل أن يأتي اليوم الموعود الذي لا مردّ له، ولا يمكن تجاوزه .. وعندئذٍ لا ملجأ لكم من الله إلاّ الله، ولا مجال للإنسان من الهروب عن الله، <مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ> ولا ينفعه إنكار ذنوبه وسيئاته بين يدي الله <وَمَا لَكُم مِّن نَّكِير>.
سَيِّدي لا تُعَذِّبْني وَاَنَا اَرْجُوكَ
إن الله تعالى كريم، وواهب الكرم للكرام، والكريم لا يعذب من يرجو عفوه وتجاوزه.
وإن الله عند حسن ظن عبده.
في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي المومن بي، إن خيرا فخيراً وإن شرا فشراً[25].
وعن رسول الله (ص): ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
وأوحى الله إلى موسى بن عمران (ع): ما دعوتني ورجوتني فإني سامع لك[26].
وعن أبي عبد الله الصادق (ع)، قال: إذا دعوت فأقبل بقلبك وظن حاجتك بالباب[27].
وفي الدعاء الذي علّمه أمير المؤمنين (ع) لكميل بن زياد النخعي:
يا مَوْلايَ فَكَيْفَ يَبْقى فِي الْعَذابِ وَهُوَ يَرْجُو ما سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ؟ اَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النّارُ وَهُوَ يَأْملُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ؟ اَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهيبُها وَاَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرى مَكانَه؟ اَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفيرُها وَاَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ؟ اَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ اَطْباقِها وَاَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ؟ اَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها وَهُوَ يُناديكَ يا رَبَّهُ؟ اَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ في عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فيها؟ .. هَيْهاتَ ما ذلِكَ الظَّنُ بِكَ وَلاَ الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ وَلا مُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدينَ مِنْ بِرِّكَ وَاِحْسانِكَ.
اِلهي حَقِّقْ رَجائي، وَآمِنْ خَوْفي، فَاِنَّ كَثْرَةَ ذُنُوبي لا اَرْجُو فيها إلاّ عَفْوُكَ.
سَيِّدي اَنَا اَسْاَلُكَ ما لا اَسْتَحِقُّ وَاَنْتَ اَهْلُ التَّقْوى وَاَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، فَاغْفِرْ لي وَاَلْبِسْني مِنْ نَظَرِكَ ثَوْباً يُغَطّي عَلَيَّ التَّبِعاتِ، وَتَغْفِرُها لي وَلا اُطالَبُ بِها، اِنَّكَ ذُو مَنٍّ قَديم، وَصَفْح عَظيم، وَتَجاوُز كَريم.
اِلهي اَنْتَ الَّذي تُفيضُ سَيْبَكَ عَلى مَنْ لا يَسْأَلُكَ، وَعَلَى الْجاحِدينَ بِرُبُوبِيَّتِكَ، فَكَيْفَ سَيِّدي بِمَنْ سَأَلَكَ وَاَيْقَنَ اَنَّ الْخَلْقَ لَكَ، وَالاْمْرَ اِلَيْكَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ يا رَبَّ الْعالَمينَ.
سَيِّدي عَبْدُكَ بِبابِكَ أقامَتْهُ الْخَصاصَةُ بَيْنَ يَدَيْكَ يَقْرَعُ بابَ اِحْسانِكَ بِدُعائِهِ، وَيَسْتعطفُ جَميلَ نَظَرِكَ بِمَكْنُونِ رَجائِهِ، فَلا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ عَنّي، وَاَقْبَلْ مِنّي ما اَقُولُ.
فَقَدْ دَعَوْتُ بِهذَا الدُّعاءِ وَاَنا اَرْجُو اَنْ لا تَرُدَّني، مَعْرِفَةً مِنّي بِرَأفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ.
اِلهي اَنْتَ الَّذي لا يُحْفيكَ سائِلٌ، وَلا يَنْقُصُكَ نائِلٌ، اَنْتَ كَما تَقُولُ وَفَوْقَ ما نَقُولُ.
اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ صَبْراً جَميلاً، وَفَرَجاً قَريباً، وَقَولاً صادِقاً، وَاَجْراً عَظيماً.
اَسْاَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ اَعْلَمْ، اَسْاَلُكَ اللّهُمَّ مِنْ خَيْرِ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عِبادُكَ الصّالِحُونَ.
يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَاَجْوَدَ مَنْ اَعْطى، اَعْطِني سُؤْلي في نَفْسي، وَاَهْلي، وَوالِديَّ، وَوَلَدي، وَاَهْلِ حُزانَتي وَاِخْواني فيكَ، وَاَرْغِدْ عَيْشي، وَاَظْهِرْ مُرُوَّتي، وَاَصْلِحْ جَميعَ اَحْوالي، وَاجْعَلْني مِمَّنْ اَطَلْتَ عُمْرَهُ، وَحَسَّنْتَ عَمَلَهُ، وَاَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ، وَرَضيتَ عَنْهُ وَاَحْيَيْتَهُ حَياةً طَيِّبَةً في اَدْوَمِ السُّرُورِ، وَاَسْبَغِ الْكَرامَةِ، وَاَتَمِّ الْعَيْشِ، اِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَلا يَفْعَلُ ما يَشاءُ غَيْرُكَ.
اَللّـهُمَّ خُصَّني مِنْكَ بِخاصَّةِ ذِكْرِكَ، وَلا تَجْعَلْ شَيْئاً مِمّا اَتَقَرَّبُ بِهِ في آناءِ اللَّيْلِ وَاَطْرافِ النَّهارِ رِياءً وَلا سُمْعَةً وَلا اَشَراً وَلا بَطَراً، وَاجْعَلْني لَكَ مِنَ الْخاشِعينَ.
اَللّـهُمَّ أعْطِنِى السِّعَةَ فِي الرِّزْقِ، وَالاْمْنَ فِي الْوَطَنِ، وَقُرَّةَ الْعَيْنِ فِي الاْهْلِ وَالْمالِ وَالْوَلَدِ، وَالْمُقامَ في نِعَمِكَ عِنْدي، وَالصِّحَّةَ فِي الْجِسْمِ، وَالْقُوَّةَ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةَ فِى الدّينِ، وَاسْتَعْمِلْني بِطاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اَبَداً مَا اسْتَعْمَرَتْني، وَاجْعَلْني مِنْ اَوْفَرِ عِبادِكَ عِنْدَكَ نَصيباً في كُلِّ خَيْر اَنْزَلْتَهُ وَتُنْزِلُهُ في شَهْرِ رَمَضانَ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَما اَنْتَ مُنْزِلُهُ في كُلِّ سَنَة مِنْ رَحْمَة تَنْشُرُها، وَعافِيَة تُلْبِسُها، وَبَلِيَّة تَدْفَعُها، وَحَسَنات تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئات تَتَجاوَزُ عَنْها، وَارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامِنا هذا وَفي كُلِّ عام، وَارْزُقْني رِزْقاً واسِعاً مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ، وَاصْرِفْ عَنّي يا سَيِّدي الاْسْواءَ، وَاقْضِ عَنِّيَ الدَّيْنَ وَالظُّلاماتِ، حَتّى لا اَتَاَذّى بِشَي مِنْهُ، وَخُذْ عَنّي بِاَسْماعِ وَاَبْصارِ اَعْدائي وَحُسّادي وَالْباغينَ عَلَيَّ، وَانْصُرْني عَلَيْهِمْ، وَاَقِرَّ عَيْني وَفَرِّحْ قَلْبي، وَاجْعَلْ لي مِنْ هَمّي وَكَرْبي فَرَجاً وَمَخْرَجاً، وَاجْعَلْ مَنْ اَرادَني بِسُوء مِنْ جَميعِ خَلْقِكَ تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَاكْفِني شَرَّ الشَّيْطانِ، وَشَرَّ السُّلْطانِ، وَسَيِّئاتِ عَمَلي، وَطَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّها، وَاَجِرْني مِنَ النّارِ بِعَفْوِكَ، وَاَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَزَوِّجْني مِنَ الْحُورِ الْعينِ بِفَضْلِكَ، وَاَلْحِقْني بِاَوْلِيائِكَ الصّالِحينَ مُحَمَّد وَآلِهِ الاْبْرارِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ الاْخْيارِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ وَعَلى اَجْسادِهِمْ وَاَرْواحِهِمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.
- [1] النمل: 62
- [2] راجع كتاب الدعاء عند أهل البيت (ع) للمؤلف
- [3] وسائل الشيعة: ج 4، 1174/ ح 8985
- [4] البلد الأمين: 316
- [5] فاطر: 15
- [6] هود: 6
- [7] الذاريات: 58
- [8] سبأ: 24
- [9] الرعد: 26
- [10] سبأ: 36
- [11] الملك: 15
- [12] آل عمران: 123
- [13] التوبة: 25
- [14] البقرة: 249
- [15] الأنفال: 10 – آل عمران: 136
- [16] الشعراء: 80
- [17] هود: 6
- [18] الرعد: 26
- [19] الزمر: 53
- [20] الشورى: 12
- [21] فاطر: 15
- [22] الصحيفة السجادية، الدعاء الثاني والعشرون
- [23] الصحيفة السجادية، الدعاء الثامن والعشرون
- [24] الشورى: 47
- [25] الكافي: ج 2، ص72
- [26] وسائل الشيعة: ج4، 1105
- [27] أصول الكافي: 519، ووسائل الشيعة 4: 1105