مواضيع

الحياة الطيبة والجهاد

ليس من عجب أن تبحث (الحياة الطيبة) عن الجهاد، فإنَّ الحياة الطيّبة الكريمة في الجهاد. والله تعالى يدعو المؤمنين لما يُحييهِم في سياق آيات الجهاد، يقول تعالى: <يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّٰهِ وَلِلرَّسُولِ إِذٰا دَعٰاكُمْ لِمٰا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ>[1]. وهذه الآية نزلت في سياق آيات القتال من سورة الأنفال، والحياة التي يَدعو إليها الله هي الحياة الكريمة الطيبة، وهي لا تستقيم إلاّ بالجهاد.

ولولا أنَّ الله تعالى يدفع بالصالحين الفاسدين من مواقع القوّة والمال والسلطة، لفسدت الأرض والحياة: <وَلَوْ لاٰ دَفْعُ اللّٰهِ النّٰاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ>[2]، <وَلَوْ لاٰ دَفْعُ اللّٰهِ النّٰاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوٰامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوٰاتٌ وَمَسٰاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللّٰهِ كَثِيراً>[3].

وكلمة الإمام علي بن أبي طالب (ع) معبّرة ودقيقة في تبيان هذه الحقيقة، يقول (ع): (فَالْمَوْتُ‌ فِي حَيَاتِكُمْ‌ مَقْهُورِينَ‌، وَالْحَيَاةُ‌ فِي مَوْتِكُمْ‌ قَاهِرِين)[4]. ويقدم الإمام هنا تعريفاً جديداً للموت والحياة، غير ما يعرفه الناس. يقول (ع): إنّكم إذا عشتم مقهورين لأعدائكم، فهذا هو (الموت) بعينه وإن تراءى لكم أنّه الحياة، وإذا متّم في ظلال سيوفكم تُطعمون أعداءكم القهر والموت، فهذا هو (الحياة) وإن تصوّرَه الناس موتاً. إنَّ الجهاد يصنع الحياة العزيزة الكريمة للأمّة ويورث الأجيال الكرامة والعزّة. عن رسول الله (ص) : (إِنَّ‌ اللَّهَ‌ أَعَزَّ أُمَّتِي بِسَنَابِكِ‌ خَيْلِهَا)[5]، وعنه (ص) : (اغْزُوا تُورِثُوا أَبْنَاءَكُمْ‌ مَجْدا)[6].

فليس من عجب، إذَن، أن تهتمَّ مجلة (الحياة الطيبة) بالجهاد، فإن الحياة لا تطيب ولا تعزّ بغير الجهاد.


  • [1] الأنفال: 24.
  • [2] البقرة: 251.
  • [3] الحج: 40.
  • [4] نهج البلاغة، الخطبة: 122، من كلام له (ع) قاله لأصحابه في ساعة الحرب بصفين، ص142.
  • [5] محمد بن حسن الطوسي، تهذيب الأحكام، الباب 54 من أبواب كتاب الجهاد وسيرة الإمام (ع)، ج6، ص123، ح8. وفي وسائل الشيعة بهذا اللفظ: إِنَّ‌ اللَّهَ‌ أَغْنَى أُمَّتِي بِسَنَابِكِ‌ خَيْلِهَا. (الحر العاملي، وسائل الشيعة، الباب 1 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه، ج15، ص9، ح2). (من المحقق)
  • [6] الحر العاملي، وسائل الشيعة، الباب 1 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه، ج15، ص15، ح16.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى