الإكراه في النظام لا ينافي نفي الإكراه في الدين

وثانياً؛ لو فرضنا أنَّ الآية الكريمة بصدد بيان حكم شرعي، كما يقول العلاّمة الطباطبائي (رحمه الله) وطائفة واسعة من المفسّرين، فإنَّ الإكراه لا يصحّ في الأمور العقائدية؛ لأنها مسألة مرتبطة بالقناعة النفسية والعقلية، والقناعة لا تتمّ بالإكراه والإلزام، كما يقول هؤلاء الأعلام.
وأمّا النظام الاجتماعي فله شأن آخر، ويصحّ فيه الإلزام في السلم والحرب، وإذا تركنا أمر النظام الاجتماعي لقناعات الناس أفراداً، لم يقم نظام في حياة الناس، ولا تستقيم الحياة الاجتماعية، فلابدَّ للناس من نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي ونظام قضائي ونظام للعقوبات حتّى تستقيم حياة الناس. وطبيعة النظام الإلزام والإكراه، ولولا ذلك لم يبقَ نظام ولا تستقيم الحياة الاجتماعية للناس.
إلى أيّ مدى يمكن أن يكون الحديث عن رفض تواجد الأدلّة الشرعية الكافية لإثبات الجهاد الابتدائي (دون وجود الدوافع الدفاعية والوقائية) يلامس الحقيقة؟ هل بالإمكان أن نقول كما قال المفكرون والمعاصرون: إنَّ الممارسات الجهادية في عصر الحاكم المعصوم تمثّل دون استثناء تدابير غير هجومية وابتدائية بالأساس؟