تفسير آية (السِّلْم) من سورة البقرة

أمّا قوله تعالى: <يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً>، فهو من التسليم لله ولرسوله، وليس من السِّلم مقابل الحرب والقتال، والشاهد على ذلك تعقيب هذه الحقيقة مباشرة بقوله تعالى: <وَلاٰ تَتَّبِعُوا خُطُوٰاتِ الشَّيْطٰانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ>[1].
والشيطان يأمر بمعصية الله ورسوله، وإلا يسلّم الإنسان أمره إلى الله تسليماً، يقول تعالى: <يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَتَّبِعُوا خُطُوٰاتِ الشَّيْطٰانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوٰاتِ الشَّيْطٰانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشٰاءِ وَالْمُنْكَرِ>[2]. فالسّلم هنا، بقرينة السياق، وبقرينة قوله تعالى: <وَلاٰ تَتَّبِعُوا خُطُوٰاتِ الشَّيْطٰانِ… >، من التسليم لله تعالى ولرسوله، نظير قوله تعالى: <فَلاٰ وَرَبِّكَ لاٰ يُؤْمِنُونَ حَتّٰى يُحَكِّمُوكَ فِيمٰا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاٰ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّٰا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً>[3]. وهذا (السِّلْم) من ذلك التسليم، ولو راجعتم كلمات المفسّرين لتأكدتم مما أقول.