المراحل الأربعة في نصوص الدعوة والجهاد

والصحيح في فهم هذه الآيات أن نفهم هذه النصوص ضمن المنهج المرحلي الحركي لنزول هذه الآيات، فقد مرّت هذه الدعوة في محاربة (العنف) و (اللاعنف) بأربع مراحل، ولا نستطيع نحن أن نفهم آيات القتال وموضعها وموقعها إلاّ من خلال هذه الحركة المرحليّة للدعوة خلال هذا التاريخ.
المرحلة الأولى: مرحلة اللاعنف وكفّ الأيدي عن المواجهة وحتى عن ردّ قريش بالمثل والدفاع عن النفس، وذلك قوله تعالى: <كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاٰةَ>[1].
المرحلة الثانية: الإذن بالدفاع، وليس الأمر بالدفاع، وذلك بقوله تعالى: <أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ>[2] و<الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّٰ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّٰهُ>[3].
المرحلة الثالثة: تشريع القتال دفاعاً والأمر بالدفاع والمواجهة، يقول تعالى: <وَقٰاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ الَّذِينَ يُقٰاتِلُونَكُمْ وَلاٰ تَعْتَدُوا إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ>[4].
المرحلة الرابعة: أمر البدء بالقتال، وذلك بقوله تعالى: <كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتٰالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ>[5].
وآيات سورة براءة على نهج المرحلة الرابعة، يقول تعالى: <فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ>[6].
وضمن هذا النهج الحركي ـ المرحلي لحركة الدعوة يجب أن نبحث عن موقع آية الأنفال: <وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهٰا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ>[7]. وأوضح منها آية سورة النساء: <فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمٰا جَعَلَ اللّٰهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً>[8].