دار العهد

ولابدّ من وقفة قصيرة، قبل إنهاء الجواب عن هذا السؤال، عند (دار العهد). قلنا: إنَّ دار العهد هي الدار التي يحكمها الكافر، ويمارس فيها نفوذه السياسي والإداري، ولكنّنا نحترم هذه السيادة رغم أنّها للكافر، وذلك حسب (العهد).
فقد جرى العهد والاتّفاق من قبل إمام المسلمين بناءً على المصلحة أو الضرورة التي توجب ذلك، ولا إشكال في شرعية هذا العهد والاتّفاق، إذا اقتضتها مصلحة المسلمين أو دعت إليه الضرورة.
ولا إشكال أنّ الإسلام يأمرنا بالوفاء بالعقود والاتفاقيات، يقول تعالى: <أوْفُوا بِالعُقُودِ>[1]، وينهانا الله تعالى عن الغدر والحنث، فقد روي عن رسول الله (ص): (يَجِيءُ كُلُّ غَادِرٍ بِإِمَامٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَائِلاً شِدْقُهُ حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ)[2].
وليس من شرط العهد أن يتّفق في حرب فقط، فقد تتّفق الدولة الإسلامية بإذن وأمر وإشراف من قبل إمام المسلمين في عقود واتّفاقيات وعهود دولية سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية مع دول أخرى في العالم، ولا إشكال في شرعية هذه العقود؛ لأنّها جرت بأمر وإذن من قبل إمام المسلمين، طبقاً لمصلحة أو ضرورة تتطلبها.
وفي هذه الحالة يجب على المسلمين احترام هذه العقود والالتزام بها، ويحرم نقضها ما لم يبدأ الطرف الآخر بنقضها. ومن متطلّبات احترام هذه العقود والعهود احترام سيادة الأنظمة السياسية التي تعاقدت معها الدولة الإسلامية ودخلت معها في الاتّفاق والعهد، كما ذكرنا قبل قليل.
ويجري تبادل الهيئات الدبلوماسية بين الدولة الإسلامية وسائر الدول على أساس من هذه الاتفاقيات والعقود الدولية.
الخروج على الحاكم هل هو بغي أم حرابة أم جهاد؟ وما هي الضوابط الشرعية التي تعتبرها مسوّغة للخروج على الحاكم الظالم؟
- [1] المائدة: 1.
- [2] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، باب المكر والغدر والخديعة من كتاب الإيمان والكفر، ج2، ص337، ح5.